منسق عام باقون|
الاستاذ ركان الضيقة
في ذكرى السيد… كلنا صخور في وجه الطغاة”
على شاطئ بيروت، تقف صخرة الروشة صامدة منذ مئات السنين، تضربها الأمواج، وتطاردها العواصف، لكنها لا تنكسر. هذه الصخرة ليست مجرد حجر في البحر، بل مرآة لروح شعبٍ وبلدٍ، يعرف معنى البقاء مهما اشتدت العواصف.
وفي السنوية الأولى لرحيل السيد حسن نصرالله، تستحضر الأذهان صورة الصخرة الكبرى التي مثّلها: قائدٌ صلب واجه العدو، أرسى معادلات جديدة في المنطقة، وحوّل لبنان من وطنٍ ضعيف مستباح إلى لاعب إقليمي يحسب له العدو والصديق ألف حساب.
من مع… ومن ضد
في السياسة كما في الميدان، ينقسم المشهد بوضوح:
من مع المقاومة، يعرف أن خيارها ليس ترفًا، بل ضرورة وجودية. فالمعادلة التي خطّها السيد: “الجيش والشعب والمقاومة”، لم تكن شعارًا فارغًا، بل استراتيجية حمت لبنان من أن يصبح ساحة مستباحة كغيره من الأقطار.
أما من ضد المقاومة، فهؤلاء لا يقفون ضدها حبًا بالسيادة ولا حرصًا على الدولة، بل لأنهم رهائن حسابات ضيقة:
فريق يرى في الكرسي والوزارة أهم من الدماء والحدود؛
فريق آخر لا ينام إلا على أمل رضى السفارة، ولو كان ثمنه سحق كرامة اللبنانيين؛
وآخرون يختبئون وراء شعارات الاقتصاد والحياد، بينما اقتصادهم مرهون للغرب، وحيادهم انبطاح عند أول أمر أميركي.
ما هو العظيم؟
العظيم هو من جعل لبنان يقف نِدًّا لأكبر قوة عسكرية في المنطقة، وأجبر إسرائيل على الانسحاب صاغرة عام 2000، وعلى التراجع مذلّة في 2006.
العظيم هو من حوّل المعادلة من: “العدو يهاجم ونحن ندافع” إلى “العدو يتهيب ونحن نردعه”.
العظيم هو من جعل قضية فلسطين حيّة في وجدان الأمة، بعدما حاول الكثيرون دفنها في صفقات التطبيع.
أما خصوم المقاومة، فقضاياهم سخيفة كتفاهتهم:
مناصب متنازعة في جمهورية مشلولة؛
جدالات عقيمة على قوانين انتخاب لا تغيّر شيئًا؛
“سيادة” منقوصة أمام كل تدخل أجنبي، لكنهم يختبئون وراءها حين يذكر سلاح المقاومة.
صخرة الروشة ومعادلة الثبات
كما أن صخرة الروشة تصمد بوجه موج البحر، تصمد المقاومة بوجه موج السياسة والمال والإعلام. الفارق أن الصخرة طبيعة جامدة، أما المقاومة فهي روح نابضة كروح السيد نصرالله، تمنح القوة لشعب يورّثها أجيالًا بعد أجيال، لمئات السنين، لتصبح جزءًا من هوية من يأبى أن يتنازل عن حقه.
الخاتمة
في ذكرى السيد، ينكشف المشهد بوضوح:
هناك صخرة اسمها نصرالله، تمثل الثبات في وجه الطغيان.
وهناك زبد سياسي، يعلو على الشاشات لحظة، ثم يتلاشى في صخب الأيام.
أما نحن، فاخترنا أن نكون كالصخرة… لا نُباع ولا نُشترى. ومن يخاصم هذه القضية، سيكتشف عاجلًا أم آجلًا أن ما دافع عنه لم يكن إلا تافهًا كحياته السياسية كلها.







