غياب وزارة الداخلية يفاقم معاناة رؤساء الأقلام في الانتخابات البلدية في لبنان
بقلم غنى شريف
في ظل التحضيرات الجارية للانتخابات البلدية في لبنان، يُواجه رؤساء الأقلام تحديات متزايدة تكشف عن ثغرات كبيرة في التنظيم والدعم، في طليعتها غياب فعلي لدور وزارة الداخلية في توفير بيئة ملائمة لهؤلاء الموظفين الأساسيين في العملية الانتخابية.
مهام كبيرة مقابل دعم شبه معدوم
رئيس القلم هو المسؤول الأول عن سير العملية الانتخابية في قلم الاقتراع. تقع على عاتقه مسؤوليات جسيمة تبدأ باستلام المواد الانتخابية، وتنظيم القاعة، والتأكد من سلامة العملية الانتخابية، والتعامل مع الناخبين ومندوبي المرشحين، وانتهاءً بفرز الأصوات ورفع المحاضر. رغم هذه المهام الحيوية، لا يتلقى رؤساء الأقلام أي نوع من الدعم اللوجستي أو التقدير المالي والمعنوي الكافي.
تدريب غير كافٍ وتأخير في التبليغ
من أبرز المشكلات التي يواجهها رؤساء الأقلام هي قلة أو تأخر التدريب. كثيرون منهم يُبلغون بتكليفهم قبل أيام قليلة فقط من موعد الانتخابات، ما يترك وقتًا غير كافٍ لفهم تفاصيل العملية أو التحضير النفسي والتنظيمي لها. التدريب، إن وُجد، يكون عامًا ومقتضبًا، ولا يغطي الحالات الطارئة التي قد تواجههم خلال اليوم الانتخابي.
ظروف العمل غير إنسانية
يقضي رئيس القلم يومًا انتخابيًا طويلًا قد يتجاوز 20 ساعة متواصلة دون راحة حقيقية أو طعام لائق، في مراكز غالبًا ما تفتقر لأدنى مقومات الراحة. بعد انتهاء عملية الاقتراع، عليه الانتقال مع صناديق الاقتراع إلى مركز التجميع وسط ظروف أمنية ومواصلات صعبة، من دون أي ضمانات سلامة أو تأمين.
مستحقات مالية متأخرة
من أبرز وجوه الإهمال هو التأخير المزمن في دفع المستحقات المالية لرؤساء الأقلام. ففي كثير من الحالات، ينتظرون شهورًا، وربما عامًا، للحصول على أجور زهيدة لا تعكس حجم المسؤولية التي تحملوها. هذا الإهمال المالي يعكس استهتارًا بدورهم ويفقد الوظيفة ما تبقى من جاذبية.
دعوات إلى الإصلاح
في ظل هذه التحديات، تتعالى أصوات تطالب وزارة الداخلية بإصلاح شامل لآلية تعيين وتدريب وتعويض رؤساء الأقلام. من الضروري وضع بروتوكولات واضحة، وتحسين ظروف العمل، وتوفير تعويضات عادلة، وتدريب احترافي يليق بدورهم المحوري في إنجاح الانتخابات.
خلاصة
رؤساء الأقلام هم العمود الفقري لأي انتخابات شفافة ونزيهة. إن استمرار وزارة الداخلية في تجاهل احتياجاتهم وعدم توفير أبسط حقوقهم، لا يضر فقط بهؤلاء الأفراد، بل يهدد أيضًا نزاهة العملية الانتخابية برمتها. فهل تتحرك الوزارة قبل أن يفقد هذا الجهاز الكفوء ما تبقى من ثقة؟







