متفرقات

بعلبك حين يزهر الألم عيدًا

في الطرقات التي اعتادت صمت الحجارة القديمة انبعثت أصوات العيد كأن المدينة تتحدى وجعها بطقوس الفرح المؤقت فتح التجار أبوابهم ليس لأن الأرباح وفيرة بل لأن الروح لا تقبل الحداد طويلًا حلويات العيد تراصّت على الرفوف وأصابع الأطفال الصغيرة امتدت بفرح حذر كأنها تلتقط الأمل من قلب الرماد

بعلبك المدينة التي اختبرت كل أشكال الألم لم تنحن أمام قسوة الأيام خرج أهلها إلى الأسواق وكأنهم يرممون ذاكرة الفرح يشترون الملتي والحلوى وبعض الأمنيات العالقة في الهواء وحدها الشمس تعرف سرّ هذه المدينة كيف يخرج أهلها من تحت الركام ليعيدوا ترتيب الحياة

في الأزقة القديمة عادت خطوات السواح تبحث عن أسرار الزمن المحفورة في الأحجار العيون تلتقط صورة القلعة العتيقة وكأنها تختزن شهادة للحياة التي لم تمت هنا في سوق بعلبك حيث تلتقي الرائحة بالتاريخ وحيث كل حجر يحمل ذاكرة مهرجان كان الحديث عن الغد أكثر من الحديث عن الأمس

بعلبك ليست مدينة عادية هي شمس تحاول أن تضيء حتى حين يحاصرها الغبار في وجوه العابرين في أصوات الباعة في الحلويات المرصوصة بعناية كان العيد يمرّ ليس فقط كطقس بل كإعلان آخر بأن هذه المدينة تعرف كيف تعيد ترتيب أعيادها رغم كل شيء

بعلبك لا تموت لأنها اعتادت أن تُولد من جديد مع كل صباح